هو آية الله الإمام السيد عبد العزيز بن العلامة المرحوم السيد أحمد بن السيد عبد الحسين بن السيد حردان بن السيد حسان بن السيد موسى بن السيد عبد الله بن السيد حسن بن السيد علي بن السيد محفوظ بن السيد ثابت بن السيد موسى بن السيد محطم بن السيد منيع بن السيد سالم بن السيد فاتك بن السيد هاشم بن السيد هشيمه بن السيد هاشم بن السيد فاتك بن السيد علي بن السيد سالم بن السيد علي بن السيد صبرة بن السيد موسى العصيم بن السيد علي الخواري بن السيد الحسن الثائر بن السيد جعفر بن الامام الهمام موسى الكاظم بن الامام جعفر الصادق بن الامام محمد الباقر بن الامام علي بن الامام الحسين بن الامام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
كان سيدنا المترجم من شيوخ الاجازة وقد بلغ بجده واجتهاده أرقى مراتب الاجتهاد وحاز من العلوم الدينية أسمى الدرجات كما نصت على ذلك عبارات من أجازوه واستجازوه، وكل من تعرض لترجمته ولم يكن تحصيله مقتصراً على العلوم الدينية بل تعداها إلى ما سواها من العلوم والمعارف بالإضافة إلى تضلعه في أنساب العلويين حيث يعد حجة فيها وحكماً في مشجرات الأنساب التي كانت على أشدها في تلك العصور وقد وصفه بعض مترجميه بالنسابة ويروي حجة الاسلام السيد محمد أمين الصافي أحد أحفاده ما نصه ((لقد صحح آية الله المرحوم السيد عبد العزيز جملة من أنساب العلويين كان مطعوناً في صحتها ومثاراً للمنازعات والمنافرات منهم طائفة كبرى من سادات الحلة القاطنين في النجف فقد أخبرني زعيمهم بأن نسبهم لم يزل محلاً للريب حتى إذا صححه آية الله السيد عبد العزيز صح وانتهى الشجار ولم يجسر أحد بعد ذلك على التريب فيه وأخبرني ان حكمه في تصحيح نسبهم لا يزال محفوظاً عنده بخطه الشريف)). وفي ترجمته للسيد قدس سره يقول العلامة السيد محسن الأمين العاملي في كتابه أعيان الشيعة: عالم فقيه محدث من عظماء علماء النجف وفقهائها في عصره وأحد مشايخ الشيعة ومن أورع أهل زمانه. جماعة للكتب في منتصف القرن الثاني عشر. يروي بالإجازة عن أستاذه الفقيه الشيخ أحمد الجزائري صاحب آيات الأحكام وعن أستاذه الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن الشيخ عبد النبي البحراني البلادي وعن الشيخ يوسف البحراني. توفى في النجف ودفن في الصحن الحيدري الشريف في أواخر المائة الثانية عشرة. قرأ على عدة مشايخ وقرأ الفقه على علامة عصره الشيخ أحمد الجزائري وكان المترجم من شيوخ الإجازة كما تدل على ذلك عبارات من أجازوه واستجازوه وكان شاعراً نسابة متضلعاً في أنساب العلويين حجة في ذلك واشتهر ذكره في العلم والتقوى وأنشأ مكتبة كبيرة جمع إليها نفائس الكتب الخطية من أقاصي البلاد وقد وصلني جملة من آثارها الباقية بعد أن عبثت بأغلبها كارثة الطاعون سنة 1247هـ حيث فقد أكثرها. وترجمه المرحوم الشيخ علي كاشف الغطاء في كتابه المخطوط الموسوم بـ((الحصون المنيعة)) فقال بعد أن فرغ من تدوين نسبه. السيد عبد العزيز بن السيد أحمد النجفي المولد والمنشأ والسكن والمدفن كان عالماً فاضلاً كاملاً محققاً مدققاً فقيهاً. كان في عصره المائة والخمسين بعد الألف معاصراً للمرحومين الشيخ يوسف البحراني والشيخ أحمد بن اسماعيل الجزائري وكان مجازاً منهما ومن الشيخ حسين بن الشيخ محمد رضا بن عبد النبي البحراني. أقول ثم ثبت رحمه الله صورة إجازاتهم له بنصوصها. وترجمه السيد عبد الرزاق كمونة في كتابه ((منية الراغبين في طبقات النسابين)) فقال: بعد أن ثبت نسبه الشريف السيد عبد العزيز بن السيد أحمد كان عالماً فاضلاً فقيهاً نسابة جم الفضائل بارعاً في فنون العلم والأدب ضم إلى شرفه الوضاح حتى اعترف بفضله القريب والبعيد لغزارة علمه ولد سنة 1122هـ وقد أجازه الشيخ أحمد الجزائري والشيخ يوسف البحراني والشيخ حسين بن عبد النبي البلادي البحراني سنة 1167هـ وقد أجاز تلميذه الشيخ حسين بن عبد الله الحوري في سنة 1179هـ ومن تأليفه ((حدائق النسب)) وله كتاب في الفقه رأيته عند أحفاده ورأيت له تواقيع على بعض المشجرات ينقل فيها عن كتابه ((حدائق النسب)). وترجمه الحجة الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه ((الذريعة)) فقال: حدائق النسب للسيد عبد العزيز بن السيد أحمد بن السيد عبد الحسين الموسوي النجفي المنتهي نسبه إلى علي بن الحسن بن جعفر بن موسى بن جعفر كان عالماً من علماء النجف ومشايخ الإجازة في عصره فقد رأيت إجازات مشايخه له في سنة 1167هـ بخطوطهم وهم الشيخ أحمد الجزائري والشيخ يوسف البحراني والشيخ حسين بن محمد بن عبد النبي البحراني ورأيت اجازته المبسوطة للشيخ محمد رضا بن عبد المطلب التبريزي في سنة 1178 على ظهر كتاب الشفاء، وممن يروي عن السيد عبد العزيز الشيخ حسين بن محمد بن عبد النبي بن سليمان بن حمد البارباري السنبسي البحراني كما صرح في إجازته لتلميذه الشيخ حسين بن عبد الله الحوري في سنة 1179 ونسب كتاب حدائق النسب إليه النسابة المعاصر السيد رضا البحراني الصائغ النجفي في مشجراته ورأيت مشجراً في نسبه خاصة مع التعرض لبعض أجداده المذكورين في نسبه. وترجمه الحجة الشيخ محمد حرز الدين في كتابه معارف الرجال فقال: السيد عبد العزيز بن السيد أحمد كان من العلماء الأفاضل والأدباء الأماثل والشعراء اللامعين في عصره يروي بالإجازة عن الشيخ أحمد بن اسماعيل الجزائري المتوفى سنة 1151هـ وكانت روايته قراءة وسماعاً ومما قرأ عليه كتاب تهذيب الأحكام وشطراً من كتاب من لا يحضره الفقيه والكافي يروي له شعر كثير متوسط الجودة ومن الأدباء الذين قرضوا القصيدة الكرارية لمحمد شريف بن فلاح الكاظمي المتوفى في حدود سنة 1200هـ والمترجم له هو جد الأسرة العلوية المشهورة بآل ((الصافي)) في النجف وخارجه. ملك السيد دوراً في محلة العمارة الجهة الغربية الشمالية والسيد صافي بن السيد جاسم بن السيد محمد بن السيد أحمد بن السيد عبد العزيز المترجم له، وكان من أهل الفضيلة والأدب والكمال.
قال أستاذه الشيخ أحمد الجزائري في صدر إجازته العلمية له: صار بحمد الله كاملاً ذا ملكة قويمة وسليقة مستقيمة ذا فهم وحافظة وفكر حاد وورع وبارع ونقاد وكان مع ذلك من أهل التقوى والصلاح وأهل الجود والسماح. ووصفه أستاذه الشيخ يوسف البحراني في إجازته له بخلاصة السادة الأعلام ونخبة النجباء العظام الحائز مع منقبة السيادة للعلم والإفادة بدرجتيهما ناهيك بذلك من أعلام مراتب السعادة الأجل الأفضل الأكمل السيد عبد العزيز بن السيد أحمد ويصفه الشيخ حسين البحراني البلادي في إجازته له أيضاً بقوله مهذب الأخلاق كريم الأعراق قد عض على الكمال بضرس قاطع وافتض أبكار الحقائق بالفكر البارع ويصفه العلامة المعاصر الدكتور حسين علي محفوظ الأستاذ في جامعة بغداد أثناء تأبينه لأحد أحفاده شاعر العرب المرحوم أحمد الصافي النجفي بقوله ((السيد عبد العزيز بن السيد أحمد كان من علماء النجف وأشرافها في القرن الثاني عشر وكان من رجال العلم والرواية والفقه في ذلك العصر. ثم من مشايخ عصره ولا سيما الشيخ أحمد الجزائري المتوفى سنة 1151هـ فقد قرأ عليه كتاب الكافي للكليني ومن لا يحضره الفقيه لابن بابويه وتهذيب الأحكام للشيخ الصدوق وروى عنه وتتلمذ عليه العديد من أفاضل الغري وتلاميذ الدراسة فيها)).
تعرض المحقق الشيخ آغا بزرك الطهراني لآثاره العلمية فذكر منها كتاب في الفقه شرح فيه الشافية رسالة أستاذه الفقيه الشيخ أحمد الجزائري صاحب كتاب آيات الأحكام وكتاب له في الفقه تعرض لذكره العلامة السيد عبد الرزاق كمونة في كتابه منية الراغبين بعد اطلاعه عليه وتعرض لذكر كتابه حدائق النسب الحجة الشيخ آغا بزرك الطهراني بعد اطلاعه عليه مع جملة من كتب الأنساب لدى النسابة السيد رضا البحراني ثم ديوان شعره وقد فقد مع ما فقد من آثاره العلمية وكتبه من مكتبته الشهيرة اثر كارثة الطاعون سنة 1247هـ وفي صدد شاعريته يذكر صاحب كتاب معارف الرجال ما نصه: يروى له شعر كثير متوسط في الجودة ومن الأدباء الذين قرضوا القصيدة الكرارية للشاعر الشيخ محمد شريف بن فلاح الكاظمي المتوفى في حدود سنة 1200هـ في مدح أمير المؤمنين (ع) وتحتوي على أربعمائة وخمسة عشر بيتاً نظمت سنة 1166هـ ومطلعها:
نظرت فأزرت بالغزال الأحور | وسطت فأردت كل ليث قسور | |
وتمايلت عجبا فنكس رأسه | غصن النقا يبدي اعتذار مقصر |
وقد قرضها سيدنا المترجم بالقصيدة التالية:
يا حياة القلوب والأرواح | وقوام الأجسام والأشباح | |
وجليسي اذا اعترتني هموم | وأنيسي في حالة الأفراح | |
انني مؤمن بفضلك حقا | غير مستنكف ولا مزاح | |
ليس عندي فخر أفاخر فيه | غير مدح الشريف نجل فلاح | |
عالم عامل أديب أريب | جامع الفضل والتقى والصلاح | |
كم له في النظام من عقد در | بات يزري بعقد ذات الوشاح | |
سارت العيس فيه شوقاً وغنى | في ثناه الحادي بكل النواحي | |
وله الفائقات في كل فجر | ورد أهل النهى وكل صباح | |
وإذا كنت منكراً لمقالي | فانظر الدرب في العيون الصحاح | |
فدليلي بذاك شاهد صدق | مدح صنو النبي رب الفلاح | |
خير غيداء في الحجال تجلت | بين أترابها كضوء الصباح | |
خير خود تزينت ببديع | من مليك الكمال رب السماح | |
زفها من له مقام شريف | بفؤاد الأديب ذي الارتياح | |
يطرب السمع حين تجلى عليه | راح ابلاغها بغير امتداح | |
فهي تدعى بين الأنام بكرارية | المرتضى بن شيخ البطاح | |
لو رآها نجل العميد المزجى | وابن عبادها حليف السماح | |
وابن حمدانها مليك القوافي | والبديع المعروف بالافصاح | |
أو رآها الوليد وابن أوس | والشريفان نجعتا المستماح | |
وابن زيد ودعبل والتهامي | ومن يقتفي من الأوضاح | |
لأهلوا وكبروا بخضوع | وسجود على الجباه الصباح | |
ولقالوا أتيت يا ابن فلاح | ببديع الافصاح والايضاح | |
إن سبقناك بالمديح فغقبى | أنجم الليل غرة الاصباح | |
قد قضى حاكم النظام علينا | باعتراف وان لحتنا اللواحي | |
أنت رب الكمال خير أديب | لاختصاص للسادة الاسباح |
بعد اتساع حال سيدنا رحمه الله اثر بيعه العقد الكريم بعد التقاطه إياه وهو من كراماته المعروفة وجه همته لإنشاء ثلاثة مشاريع. الأول: ابتياع دور لسكنى ذريته تخليداً لهم في دار هجرة أبيه وضمان عدم خمول ذكره فأنشأ مساكن كثيرة في محلة العمارة في النجف لازالت مأهولة بأحفاده عدا ما استملك منها بسبب فتح الشوارع الجديدة في المدينة القديمة. الثاني: إنشاء جامع في محل نافع حيث عمد إلى شراء دور عديدة تقع إلى جوار جامع صغير يقع قبلة الحرم العلوي الشريف فهدمه ووسعه بإضافة الدور إليه وجدد عمارته وأوكل مهمة الاشراف على بنائه إلى جوهري هندي يسكن النجف من مقلديه وقد نسب إلى المشرف على البناء واشتهر بالمسجد الهندي كنسبة وتسمية مدرسة الحاج محمد اتفاق الدينية في النجف واشتهارها باسم العلامة المرحوم السيد محمد الكلنتر الساعي والمشرف على عمارة المدرسة المذكورة وقد روى لي عمي الحجة السيد محمد أمين الصافي (قدس سره) ان آية الله المرحوم السيد عبد العزيز دعا علماء وصلحاء عصره يوم وضع حجر الأساس لعمارة مسجده وعندما التأم جمعهم قام وقال مخاطباً الحضور ((من منكم لم يبت على جنابة ولم تفته صلاة الصبح يوماً فليتفضل بوضع حجر الأساس فأحجم الحاضرون ثم قام وقال الحمد لله ومسك الحجر بيده الشريفة ووضعه في موضع الأساس)). الثالث: إنشاء مكتبة وقد اجتهد السيد طاب ثراه في تأسيس مكتبته الشهيرة وبذل أقصى الجهود بهذا السبيل فاشترى واستكتب في العراق كل ما استطاع أن يصل إليه من الكتب الخطية والمطبوعة النادرة الوجود فضلاً عن الكتب المألوفة وأخيراً وجه جهده إلى خارج العراق فكان يستحضر الكتب النفيسة من الأستانة والهند وإيران وسوريا وغيرها من البلدان وقد بلغت مكتبته مبلغاً عظيماً لوفرة عدد موجوداتها وأهمية مقتنياتها وقد وصل الي البعض منها حيث لازلت أحتفظ به وقد أطرى مكتبته الشهيرة جميع مؤرخي النجف ومنهم الشيخ علي كاشف الغطاء في كتابه نهج الصواب وأصحاب ماضي النجف وحاضرها وتراث النجف كما أشار إليها المرحوم جعفر الخليلي في موسوعته العتبات المقدسة قسم النجف فقال تحت عنوان: مكتبة السيد عبد العزيز هو جد أسرة آل الصافي المعروفة في النجف وكانت مكتبة زاخرة بأنفس المخطوطات المجلدة والمذهبة التي تعد بالألوف وجاء في نهج الصواب أن السيد عبد العزيز أوقفها على أولاده وإنها تفرقت بعد ذلك ورأينا نحن بعض هذه الكتب وعليها إشارة الوقف في بيت السيد محمد رضا الصافي أحد أحفاد السيد عبد العزيز أما تأسيس المكتبة فقد كان في منتصف القرن الثاني عشر. وعن هذه المكتبة يقول الدكتور حسين علي محفوظ في دراسته الخطية الموجودة لدي عن أحد أحفاد السيد عبد العزيز المرحوم الشاعر السيد أحمد الصافي النجفي ما يلي: كانت خزانة السيد عبد العزيز النجفي جد بيت الصافي من أمهات الخزائن وقد كانت عامرة بذخائر كتب التراث العربي وقد ابتاع من الهند وحدها كتباً بنحو ثمانين ألف ربية وكان في خزانته ألوف الكتب الجيدة المذهبة وكان للفلسفة في هذه الخزانة شأن كبير فقد كان فيها أربعة وعشرون كتاباً ورسالة تشتمل على 610 صفحات في الحكمة والفلسفة من مؤلفات أفلاطون وابن سينا والفارابي وفخر الدين الرازي وغيرهم وهي مكتوبة في أوائل العشر الثامن من القرن السابع الهجري وكان فيها من مؤلفات الفارابي كتابه في مراتب العلوم وهو الذي يسمى بإحصاء العلوم ومقالة الفارابي في صناعة الشعر وكتابه في مبادئ آراء أهل المدينة الفاضلة ومختصر أنولوطيقا الأولى وتذاكير في إبطال أحكام النجوم ومقالته في الجهة التي يصح عليها القول من أحكام النجوم.
توفى رحمه الله في حدود سنة 1200 للهجرة ودفن في إيوان العلماء في ظهر الضريح العلوي. لا كما جاء في كتاب مشاهير المدفونين في الحرم العلوي من أنه دفن في الصحن العلوي الشريف.
يقول العلامة المعاصر الدكتور حسين علي محفوظ ينتهي نسب السيد الصافي طاب ثراه إلى الإمام السيد عبد العزيز والسيد عبد العزيز بن السيد أحمد من السادة الخواريين ذرية السيد جعفر الخواري بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام ويقال لهم أيضاً الشجريون وهم بادية يرعون الشجر حول المدينة وخوار الذي ينسب إليه جد السادة الخواريين هو موضع يجاور مكة تلقاء ((اجلى)) التي هي هضيبات حمر على وادي الجريب ببلاد بني فزارة وهو قرية في وادي ستارة وقد حدده بعض النسابين وقال انه واد في الفرع والفرع على الطريق من مكة الى المدينة والخواريون بعد بديون ثوار كان جدهم محمد المليط الفارس الثائر في المدينة ينزل في آثال طريق مكة... أقول يتصل آل الصافي بالإمام السيد عبد العزيز بسلالة ذات وجاهة علمية ومكانة أدبية وزعامة اصلاحية في كافة الأوساط العراقية وقد عرفت الأسرة قديماً بآل ((الجبيلي)) نسبة لمقر سكنى ذوي العلامة المرحوم السيد أحمد الجبيلة في البصرة وكان ذلك لفترة قصيرة ثم عرفت بآل السيد عبد العزيز نسبة لابنه الإمام السيد عبد العزيز بن السيد أحمد وآل الصافي فرع من دوحته التي يقول فيها المرحوم الشيخ محمد السماوي في منظومته ((عنوان الشرف)) التي يستعرض فيها ذكر العوائل والأسر العلمية في النجف الأشرف بقوله:
((منهم بنو عبد العزيز الصيد | في كل فن منهم عميد |
ثم عرفت بآل الصافي نسبة للعلم الشهير السيد الصافي طاب ثراه يقول الكاتب الكبير المرحوم جعفر الخليلي في دراسة له نشرها في مجلة أفكار الأردنية مكرسة لترجمة حفيد السيد الصافي شاعر العرب المرحوم أحمد الصافي قائلاً آل الصافي طرفون في النسب والطريف في النسب هو الكثير الأباء في الشرف بعكس القعدد وقد أنشد ابن الأعرابي عن الطريف الكثير الاباء في الشرف كما ذكر ابن منظور في اللسان يقول:
((امرون ولّادون كل مبارك | طرفون لا يرثون سهم القعدد)) |
يقول الدكتور محمد حسين الزبيدي في دراسة له عن أسرة آل الصافي نشرتها جريدة الجريدة بتاريخ 9 آذار 2006 جاء فيها قوله ((السادة آل الصافي)) أسرة عربية علوية عريقة ترتقي بنسبها المشجر إلى الإمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. وقد هاجرت من الحجاز لتستقر أولاً في منطقة الجبيلة بالقرب من البصرة في جنوب العراق ومنها إلى النجف وذلك في أوائل القرن الأول الهجري حيث وفد إليها طلباً للعلم السيد أحمد الجبيلي والد السيد عبد العزيز الذي اشتهرت الأسرة باسمه لفترة طويلة قبل أن يتغلب عليها لقب الصافي الذي هو أحد أحفاده وتلتقي الأسرة نسباً بعشيرتين علويتين كبيرتين هما السادة البخات القاطنين في السعدية مع عشائر بني بلام بالقرب من علي الغربي وكان من أشهر زعمائهم السيد حمد والسيد سعد أولاد السيد مشفي وبعشيرة السادة آل أبي شوكة ((البو شوكة)) مع قبائل بني كعب بالقرب من المحمرة وكان من رؤسائهم المعروفين السيد عناية بن السيد رمضان والزعيم الشاعر الثائر السيد جابر السيد مشعل وكان السيد عبد العزيز من كبار علماء عصره الذين حظوا بمنزلة علمية دينية رفيعة هذه الصفة متوارثة في أحفاده من بعده وكان شاعراً وأديباً مرموقاً واشتهر بمعرفته بأنساب العلويين وألف في ذلك كتاب ((حدائق النسب)) وكان مرجعاً يحتكم إليه في المنازعات والخلافات التي كثيراً ما كانت تنسب شي في ذلك الحين وتلعب دوراً في الحياة الاجتماعية بين الأسر والعائلات ووصفه بعض مترجميه بالنسابة وكان السيد عبد العزيز الى ذلك كله ذا سعة ومال وخلَّف لأحفاده من بعده وقفاً ذرياً واسعاً شمل العديد من الدور التي كان معظمها في محلة العمارة تلك التي كان يقطنها معظم رجال العلم والدين والأدب في النجف كما شيد (( مسجد الهندي)) المعروف نسبةً الى الشخص الذي أوكل اليه الاشراف على بنائه وكان مما أنجز تشييد مكتبة عامرة تزخر بالنادر من الكتب ونفائس المخطوطات في التراث العلمي والديني والأدبي وقد بذل جهداً وأنفق مالاً في جمعها من مختلف المصادر وأهمها ما كان من مكتبات الهند وبلاد الشرق الاسلامية ومع الأسف فقد تعرض معظم محتوياتها للضياع والتلف والابتعاد عن مقرها في النجف بعد أن استولى عليها من لا يقدر قيمتها العلمية والأدبية والمادية بسبب ما جرى من أحداث مؤسفة في النزاعات المحلية وقد جاءت له ترجمة وافية في أعيان الشيعة ومعارف الرجال وقد ظل مجلسه الديني والعلمي مستمراً برعاية أحفاده حتى ازدهر في عهد السيد الصافي وولديه من بعده السيد محمد والسيد علي وأحفاده الذين اشتهر منهم المجاهد الثائر السيد محمد رضا الصافي وأخوه العلامة المجتهد الشاعر السيد محمد أمين الصافي الذي نال منزلة رفيعة في أوساط النجف العلمية وتتلمذ على يده كثير من العلماء والأدباء وأخوه الشاعر الثائر المعروف السيد أحمد الصافي النجفي وابن عمهم الشاعر والقاضي المحامي السيد عبد الوهاب الصافي أحد قادة التجدد الأدبي في النجف ومن مؤسسي جمعية الرابطة العلمية الأدبية هناك والذي كان أول معتمد لها. أقول وآل الصافي من أسر النجف العربية العلوية العريقة التي لها تاريخها المجيد وآثارها الخالدة ومكانتها المرموقة بين الأسر فقد امتاز رجالها بعلو الهمم والطموح حتى لا تكاد تجد احدا من رجالها إلا وروح الزعامة تجري فيه مجرى الدم في العروق كما امتازوا بالشمم والإباء ولقد حاطهم شرف النفس وكرم الحسب بسياج منعهم من تسرب الوهن والضعف اليهم ونفخ شموخ نسبهم الوضاح فيهم روحاً من الاباء والترفع وكان حصيلة ذلك محافظة الأسرة على عروبتها ومجدها العلوي كما أمدت الوطن بالفقهاء والعلماء الصلحاء والوطنيين والقوميين الأشداء وبخيرة الشعراء والوزراء والأدباء وقد ارتبطت عن طريق القرابة والمصاهرة مع الأسر الدينية فجد والد المؤلف السيد محمد رضا الصافي لأمه هو مرجع الامامية في عصره وأكبر مجتهدي زمانه الحجة الشيخ محمد حسين الكاظمي صاحب الموسوعة الفقهية ((هداية الانام)) كما ترتبط الأسرة بآل الجزائري وعميدها الفقيد الثائر الحجة الشيخ عبد الكريم الجزائري وبالمرجع المجتهد السيد جواد العاملي صاحب ((مفتاح الكرامة)) وكذلك بعلاقة مصاهرة مع عشائر البو حسان والاكرع والخزاعل وربيعة والعكيلات وآل بدير وعبادة وبني تميم وبني لام وقد ظهر من رجالها أعلام في العلم والجهاد والشعر والسياسة فتعهدتها الأمجاد ولم تزل مجداً اثر مجد متوارثة الفضائل وفي هذا يقول أحد أبنائها الشاعر أحمد الصافي:
سجنت وقبلي في العلى سجنوا اخي أخي | وأأمل في العلياء أن يسجنوا الابنا | |
اذا لم نورث تاج مجد وسؤدد | لأبنائنا طرا نورثهم سجنا |
كما تميز رجال الأسرة بالكرم ورحابة الفناء حتى اذا نزل بهم نازل سلا أهله وفي ذلك يقول الشاعر المرحوم الشيخ كاظم السوداني:
إن عيشي غض ووردي صاف | بجواري والقرب من آل صافي |
ويقول المرحوم الشيخ كاظم سبتي المعاصر لحجة الاسلام السيد علي الصافي
كم لي برغم الدهر ظلمة ليلة | تزهرت بأوجه معشر أشراف | |
لا كدرت منا ليالي انسنا | والعيش صافٍ في علي الصافي |
وفي رجال الأسرة يقول الحجة المرحوم السيد رضا الهندي في احدى مناسباتها:
من دوحة تزكو بأصل ثابت | وكل فرع في المعالي قد بسبق | |
كبيرهم صيت علاه طائر | وفرخهم في المهد بالعلم يزق | |
براهموا رب السما من نوره | لما برا كل البرايا من علق | |
هم زينة المجلس ان ذكر طرا | وهم أمان الناس إن خطب طرق | |
لو كتبت مديحهم أيدي الورى | اعوزت الأقلام عنه والورق | |
وكيف لا يخرس فيهم منطق الذاكر الذاكر | والذكر بعلياهم نطق | |
لا تتبع غيرهم في منهج | فإن من يدعو إلى الحق أحق | |
تتابعوا إلى العلى تتابع | اللؤلؤ تنظمه على نسق |
وفيهم يقول الشاعر الشيخ هادي بن الشيخ علي الخضري من قصيدة له في أحد مناسبات الأسرة:
هم الصيد قد حازوا فخارا ومحتدا | وبردهم من فوق هام السما جروا | |
صغيرهم كالروض رقت طباعه | وشيخهم في المجد ليس به كبر | |
هم الغيث إما أجدب العام اخصبت | بجدواهم سهل المهامة والوعر | |
هم الصيد في يوم الكفاح تخالهم | اسود وغى عند النزال إذا كروا | |
بها ليل في الهيجاء صيد كأنهم | جبال على وجه البسيطة قد قروا |
ويقول فيهم الشاعر عبد الهادي الشيخ عبد الحسين الجواهري من أبيات له في أحد أعلام الأسرة:
فبآل صافي الأكرمين | للناس قد صدقت فراسه |
ويقول فيهم الشاعر الشيخ عبد المنعم الكاظمي من أبيات له:
قوم اذا عدت الأجداد في نسب | يوماً فجدهم صاف من الريب |
وفي إحدى مناسبات الأسرة يقول العلامة المرحوم الشيخ محمد صالح الجزائري:
نمتهم إلى العلياء أكرم أسرة | بهم تكشف الجلى ويستنزل القطر | |
تقول لأهل المجد السن حالهم | لنا الصدر دون العالمين أو القبر | |
اذا قصد الوفاد دارين جودهم | يعودون بالجدوى حقائبهم بجر | |
وأنى لنا أن نبلغ الوصف منهم | وفوق الذي قد قلت خصهم الذكر |
وأكتفي بتدوين هذا القدر مما قيل في الأسرة ورجالاتها ومناسباتها حيث لو ثبت جميع ذلك لألف ديوانا من عيون الشعر... ومن فروع دوحة السيد عبد العزيز آل السيد عبود وآل السيد بشارة وآل السيد ياسين وآل السيد عبد الله الملقب (بوشي) وقد شملهم جميعاً لقب السيد الصافي منذ ما يزيد على النصف قرن وقد تميز رجال آل السيد عبود بالعلم والأدب والوجاهة فمنهم العلامة المقدس السيد محمد بن السيد عبود بن السيد أحمد نجل آية الله المرحوم السيد عبد العزيز وابنه حجة الاسلام السيد حسن وقد ترجمه صاحب كتاب المشجر الوافي في السلسلة الموسوية السيد حسين السيد علي فقال: السيد حسن بن السيد محمد عالم فقيه كان من تلاميذ المجدد الشيرازي والشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ محمد طه نجف وغيرهم. توفى سنة 1311هـ وله شعر جيد ذكرته في هدية الرازي. وترجمه الحجة السيد محمد أمين الصافي في الوجيز فقال: كان من المجتهدين وفي طليعة أهل الورع والصلاح ومن الثقات المتقدمين عند أساتذته العظام وقد تخرج على المرحوم الشيخ محمد حسين الكاظمي وعلى السيد ميرزا حسن الشيرازي وعلى الورع التقي الشيخ محمد طه نجف وقد اجيز منه وكان بالإضافة إلى علمه من الشعراء جيدي النظم ومن جملة نظمه مرثية غراء في الإمام الكاظم عليه السلام وقد تخرج عليه جملة من أعيان أهل الفضل وكانت وفاته سنة 1341هـ وقد أعقب المرحومين العلامة السيد صادق وهو من المشتغلين الأفاضل وقد توفى رحمه الله سنة 1392هـ والسيد محمد حسن وهو من أعلام أهل العلم ومراجع الدين.
المرحوم السيد مهدي بشارة هو العلامة المرحوم السيد مهدي بن السيد صالح بن السيد بشارة بن السيد صالح نجل الامام السيد عبد العزيز قدس سره جاء في ترجمته في الوجيز انه ولد رحمه الله في النجف سنة 1292للهجرة وتوفى في وباء الطاعون سنة 1322هـ عن عمر لم يتجاوز الثلاثين سنة وبرغم صغر سنه فقد بلغ مبلغاً عظيماً في التحصيل العلمي وكان يعد من أهل الفضل المبرزين كما كان رقيق الحاشية مهذب الأخلاق ومضرب مثل في التقوى والأدب منذ حداثة سنه ولو مد الله في عمره لبلغ مراتب علمية متقدمة. وأول سلالة اتصال السيد الصافي طاب ثراه بالإمام السيد عبد العزيز قدس سره هو: السيد أحمد بن السيد عبد العزيز جاء في الوجيز أثناء ترجمته قوله: كان من أجلة العلماء درس على أبيه وعلى أساتذة التدريس في عصره فحاز المرتبة العالية في التحصيل وكانت التقوى والورع في مقدمة صفاته وقد احتفظ بمكانة أبيه واشتهر فوق ذلك بكرامات قدسية وكان زعيماً رحب الفناء وقد أعقب ابنه: السيد محمد بن المرحوم السيد أحمد هو المرحوم السيد محمد بن السيد أحمد كان جم الفضل غزير العلم وكان من الزعماء المرموقين وممن عرف بالدهاء والسماحة. تقرب إليه أمراء خزاعة الذين يحكمون الفرات الأوسط آنذاك وصاهروه بإحدى كريماتهم وأقطعوه مقاطعات غنية وقيمة كان يستغلها ويمون بها أسرته وتلامذته وقد ازدهر في عصره مجد الأسرة وكثر عددها وقد قدر الله جلت قدرته النبوغ العلمي لولده السيد جاسم في حياته. العلامة السيد جاسم بن السيد محمد جاء في ترجمته في الوجيز هو العلامة المرحوم السيد جاسم بن السيد محمد. نشأ في بيئة علم وأدب وكان محاطاً برعاية خاصة من والده حيث كان يتفرس فيه الذكاء والنبوغ المبكر ولم تخطئ فراسته اذ بلغ ابنه مبلغاً عظيماً من التحصيل الذي أهله أن يكون من أبرز علماء عصره في علوم الدين وفي الكلام والمعقول حتى أصبح من أساتذة التدريس العالي في الحوزة الدينية في حينه وكان مجلس درسه حافلاً بأعيان أهل العلم والفضلاء وتميز بحبه لتلامذته أهل العلم حيث كان لا يفارقهم إلا لضرورات الحياة ولا يسمح لهم بمغادرة داره في أوقات الطعام ومن خصائصه انه كان جليل القدر رحب الصدر بالإضافة لتميزه بالفروسية والرجولة وكان رحمه الله من أهل العلم البواسل الذين شاركوا مشاركة فاعلة في صد الهجوم الذي تعرضت له النجف من قبل الوهابيين وقد صادف أن كانت إحدى غاراتهم على النجف ليلة زفافه فترك حفل الزواج وزوجته وحمل سلاحه متقدماً صفوف المقاتلين لما عرف فيه من رجولة ونخوة وشهامة في الدفاع عن حرم جده ولما أذن الله جلت قدرته باندحار الوهابيين وانخذالهم وعرف من لم يعرف من المقاتلين وعامة النجفيين بقصة تأجيل زفاف سيدنا المترجم فما كان من الجميع إلا أن عقدوا للسيد حفل زفاف جديد وكان زفاف المنتصرين وقد أصبح يوم زفافه من أيام النجف المشهودة في ذلك الحين وقد ترك من جملة آثاره الخطية مؤلفات في علوم الدين والمعقول مع ما تلف من مكتبة جده المرحوم السيد عبد العزيز بعد كارثة الطاعون سنة 1247هـ والذي توفى فيه وفيه توفى أيضاً ولده الأكبر السيد جعفر وكان من أعيان أهل الفضل ومؤهلا للقيام بعد أبيه وقد درس على أبيه وعلى علامة عصره السيد باقر القزويني وكان من أبرز تلامذته وخاصته وقد أعقب السيد جاسم العلامة الأكبر السيد صافي وهو الذي تحمل الأسرة اليوم اسمه في عصرنا الحاضر.