هو أبو مصعب المحامي المرحوم السيد حسين بن العلامة المجاهد المرحوم السيد محمد رضا الصافي من اعلام الأسرة ومشاهير رجال القضاء والسياسة في العراق. ولد في النجف سنة 1924 ونشأ فيها مرعياً برعاية والده وعندما سمحت سنه بقبوله في المدرسة الابتدائية أنتظم فيها فأكملها وانتقل إلى المرحلة المتوسطة وقبل اكمالها رغب والده أن ينهج أبنه نهج آبائه في دراسة علوم الدين وكان له ما أراد ووجه أبنه لتحصيل العلوم الدينية عندها دعا كافة علماء وصلحاء عصره إلى حفل مهيب وطلب فيه إلى الحجة الشيخ عبد الكريم الجزائري ان يعقد العمة برأس أبنه تيمناً بيده الكريمة وهنا بدأ دراسته على عمه الحجة السيد محمد أمين الصافي وأركان أسرته ثم انتقل إلى الدراسة لدى العلامة الشيخ عبد الكريم الشرقي ثم العلامتين الشيخ حسين آل زاير دهام والشيخ محمد الشيخ راضي واخيراً على العلامة المرحوم الشيخ سلمان الخاقاني فبلغ مبلغاً ممتازاً في التحصيل كان مثار تقدير أساتذته وثنائهم وأثر وفاة المرحوم والده سنة 1942 تحمل عبأ إعالة عائلته وأجتهد أن يرعي أخويه السيد فاتك والسيد محمود عين رعاية والده لهما رغم محدودية مدخولاته من ضياع نخيل تركها والده ولقد عانى من العسر الأمرين الذي أقعده عن ضمان عيشه ولم يك المتبع في حينه على قاعدة صحيحة تكفل رعاية طلبة علوم الدين وتؤمن الحد الأدنى على أقل تقدير من المعيشة لهم الأمر الذي حمله والكثير من أقرانه أمثال أبن عمه العلامة الفاضل السيد محمد حسين بن السيد نعمة الصافي والعلامة الشيخ محمد رضا المسقطي والعلامة الفاضل السيد محمد الجصاني والشيخ حسين العاملي إلى ترك الدراسة الدينية والتوجه للدراسة النظامية وبذا فقد خسرت الحوزة هذه النخبة من أفاضل طلبة علوم الدين العرب. وكان له ما أراد حيث أكمل الدراسة المتوسطة والإعدادية بصفة طالب خارجي مع احتفاظه بعمته وعند قبوله للدراسة في كلية الحقوق غادر عمته وأرتدى الزي المتعارف عليه وبعد أنتظامه في دراسة الحقوق أكمل دراستها في سنيها المقررة بتفوق وكان أن تخرج في سنة 1954- 1955 بعد ذلك عاد إلى النجف وأفتتح مكتباً للمحاماة ولمنزلته الأجتماعية وقابلياته وذكائه وجرأته الأدبية فقد نجح في المحاماة نجاحاً منقطع النظير فحسنت أحواله المادية تدريجياً.
ترجمه صاحب موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين في الجزء الثالث فقال السيد حسين الصافي 1924- 1987 سياسي. وزير. ولد في النجف هو السيد حسين محمد رضا الصافي. تتلمذ لوالده العلامة فقرأ علوم العربية وبعد اجتيازه الدروس الأولية انتمى إلى كلية الحقوق وتخرج فيها سنة 1955 ومارس المحاماة وعمل في الحقل القومي ودافع عن قضايا الموقوفين. عين محافظاً للديوانية في عام 1963 ثم أستقال وعاد يمارس المحاماة نصرة للسياسيين المسجونين. عين وزيراً للعدل في 1/ 8/ 1971 إلى 24/ 12/ 1973 ورأس نقابة المحامين.
صورة نادرة للمرحوم السيد حسين الصافي
أثناء دراسته لعلوم الدين
كتب الشعر ونشره في الدوريات المحلية وكتب أبحاثاُ قانونية كانت سبباً وراء العديد من المنجزات القانونية. وكتبت عنه جريدة الرأي العراقية بعددها 71 في 20 آب 2000 تحت عنوان شخصيات عراقية. تقول: حسين الصافي أحد ثلاثة محامين ترافعوا من أجل الدفاع عن قضايا البعثيين المسجونين 1958- 1968 وكانوا أعلى جرأة من القضاة وعانوا بسبب ذلك السجن والمطاردة والاختباء وكان الصافي يومئذ أقوى من القانون حجة وأسرع من السهم في أصابة الهدف فحقق شهرة قطرية في أوساط المحامين وأنتخب رئيساً لهم عام 1974. ولد في النجف عام 1924 وتوفى عام 1987 وتخرج في كلية الحقوق عام 1955 ومارس المحاماة وكان مكتب محاماته اشبه بوكر حربي لكنه أبقاه مفتوحاً لشجاعة فيه موروثة ولتشبعه بمبادئ الديمقراطية ولأنه ذاته قوة نفسية تدعمه ثقافة وطنية وأنتماء عريق إلى البعث العربي. كان مشعل أتصال مع المستقبل. سجن في عهد نوري السعيد وفي عهد عبد الكريم قاسم وفي عهد عبد السلام محمد عارف ونفي إلى شمال العراق وفي عام 1963 عين متصرفاً في الديوانية وتحول مقر أدارته إلى جمعية للفلاحين نظم فيها الشغيلة الزراعية وشهدت فترة إستيزاره حرمة مصونة للقضاء وكان رأسه أقوى من القانون القديم. كان لبقاً في تخريجه الثقافي واسع العلاقات. ذا جاذبية في تعامله الاجتماعي. كريماً شهماً مدافعاً عن الحق ولا سيما الحق المغتصب. وكانت شجاعته تتوازن مع معطياته الثقافية. وفيه فروسية ونخوة وهذه كلها جعلت المحامين ينتخبونه نقيباً لهم وبقي نقيباً عدة أشهر ثم استقال وكان يتقدم الصفوف بمؤهلاته الفكرية. كانت دارهم في النجف من الدور العلوية الشهيرة التي هيأت لثورة العشرين وفتح السيد حسين عينيه منذ نعومة أظفاره على أبيه العلامة المجاهد محمد رضا الصافي الذي لا تكاد تذكر أوليات ثورة العراق الكبرى عام 1920 إلا ويبرز أسمه شامخاً في مقدمة الأسماء اللامعة لصناع الثورة وفي دار الصافي نبغ أيضاً علماء وشعراء وفقهاء ومنهم الداعية القومي المعروف الدكتور علي الصافي والسياسي الشهير المحامي فاتك الصافي.
وجاء في ترجمته في قاموس التراجم الموسوم بأعلام العراق الحديث للمحامي باقر الورد والمستند في ترجمته إلى معلومات وزارة الأعلام العراقية حسب قوله ما يلي: ولد في النجف الأشرف ونشأ فيها وأكمل الدراسة الأبتدائية والثانوية فيها ثم التحق بكلية الحقوق وتخرج فيها سنة 1954- 1955 ومارس المحاماة ثم عين متصرفاً للديوانية بعد ثورة 14 رمضان وبقي في منصبه حتى 18 تشرين 1963 حيث قدم أستقالته أحتجاجاً على أعمال السلطة التشرينية وعاد إلى مزاولة المحاماة حتى استيزاره يوم 1/ 8/ 1971 وأعفي من منصبه 24/ 12/ 1973 وفي عهده أبدل أسم مجلس التمييز السني والجعفري بمجلس التمييز الشرعي وابدل أسم الطابو بأسم دائرة التسجيل العقاري وفي 11/ 1/ 1974 أنتخب نقيباً للمحامين العراقيين وبقي عدة أشهر في هذا المنصب.
وقد كان لاستيزاره وزيراً للعدل صدى واسعاً في كافة الاوساط القضائية والعلمية والأدبية فكتب له الدكتور باقر عبد الغني الاستاذ في جامعة بغداد رسالة تهنئة جاء فيها: أبا مصعب. سلام عليك ما رفت رحمة من لدنه على الأجواد وبعد لا ذبل العرق العريق ولا جف ثراه. فلله ما أنشق عنه وريق النبع نضيد الطلع كريم العود ولا نشفت أثداء تلك الحرة. فلله من نهضت عنه ودرت وحنت عليه. أنت والمعروف. ولأنت بعد فيما بنوا وبنيت صلة العقد من مجدين ومجد آخر هو من رسم بك وصنع كفك. هو ما أنت مشتمل عليه من تواضع يعلو على الرفعة وكياسة أشف من الرقة وعزة وأعتزاز لا يزري بهما زهو, ولطف لا يكدره من وقبض بقدر وبسط بتقدير وقيم مقدرة بحكمة ومثل خطت بعلم وحلم وأتزان إلى ما وفقت إليه زاد الله في توفيقك من براعة في صنعة الحديث العذب ودرية في نحت الرفيع من الكلم والفة في المجلس وتفقد الحانين على البعد وصفاء في النفس والذوق للذي تستمرئه من صنوف الوفاء. تخطو ويخطو الجاه في أثرك. ما تلفت تصعد الانظار إليه ورحت لا أنت منه في يمنة من تعال ولا في يسرة من استعلاء. وتمضي وتمضي المكرمات تشير إليك حتى إذا تلاقيتما هششت لها وبشت بك وإذا أفترقتما شرعت تنثر الثناء عليك. وما أنفككت في غدو لك أو رواح. تمد الشهامة بالرواء والأخوة بالوفاء والجميل بكل ما لدى السمح السخي كريم البذل ((يهنئ العدل أن تكون وزيره)) فمثلك من يندب للأنصاف ولا خلي الحكم من أجواد الرجال سماحة فيهم ترنو إليها القلوب والأبصار ورجاحة تستكن بها النفوس وسلاسة تهفو إليها الخواطر وأريحيات هي ما أدخره الكرام من زاد. أبا مصعب ولمثلك كنية الكبار. دمت لكل مهمة عدلاً ولكل طيبة شذى وكريمة صدى ودمت للجذل العتيق العريق غصنه الندي وقطوفه الدانية وزهره المزدهر ودمت للوفاء رافده الثر ودام كفك للجود وصدرك للمروءات وطلق محياك لمجمع الأخوان ومد الله في توفيقك ما أمتد للطيب نفح والسلام.
وأرسل إليه حجة الإسلام الشاعر السيد حسين بن الحجة السيد محمد تقي بحر العلوم أثر أستيزاره رسالة تهنئة ضمنها الأبيات التالية:
أبا مصعب يا رفيف العلى | ويا ألقا في ضمير الهوى | |
ويا عبق المجد من هاشم | تضوع من برعم المحتوى | |
ويا نخوة الثأر من يعرب | ترش الربيع بقلب الجوى | |
أهنيك لا بل أهني القضاء | فالعدل في أصغريك أنطوى | |
وكيف ومهدك صافي النمير | وحيث الغري هو المرتوى |
كما كتب إليه العلامة الشاعر السيد محمد الحلي رسالة بأسمه وأسم أخوانه طلبة علوم الدين ضمنّها الأبيات التالية:
دُسْتَ الوزارة قد علا | شرفاً بمن قد زانه | |
وبرأيك السامي رفَعت | من البلاد مكانة | |
فَلْيَهْنَ شعبُ فيه مثلك | حيث يرفعُ شانه |
وأبرق له بهذه المناسبة مهنئاً الشاعر الشهير السيد علي بن الحجة السيد رضا الهندي بقوله:
لقائد الشعب الذي أختاركم | للعدل للشهم المهيب الأشم | |
شكري فقد أعلنها واثقا | حسين والعدل كشقي قلم |
كما أرسل له الشاعر محمد الجبار الأبيات التالية حيث يقول:
العدل أن كدرت مسارب نبعه | وأصيب زاهر روضه بجفاف | |
فأجبته لما دعاك تكرما | أعد الصفاء له فأنت الصافي |
كما أرسل له الشاعر الاستاذ عبد الكريم الدجيلي رسالة تهنئة ضمنها القصيدة التالية:
حيتك ساجعة الخواطر | ورعتك نافحة الضمائر | |
وهفت إليك عواطف | ترعاك من خلل السرائر | |
يا أبن الرضا والمدلجين | إلى النهى سبل المفاخر | |
وأبن الذين تجشموا | لسواهم كل المخاطر | |
متسابقين إلى المعالي | ليس فيهم من يتاجر | |
وأبن الذين تقحموا | سوح الكفاح إلى المجازر | |
وترسموا وعر الطريق | ليستحثوا كل ثائر | |
العدل ضاع وليس في | هذي البلاد له مناصر | |
فكن المجلي عند كل | تسابق وكن المقامر | |
وكن الصريح بكل حق | ضائع وكن المجاهر | |
عريان حرَ الرأي غير | مسير من كل آمر | |
وكن الذي يجري مع | المستضعفين إلى المصائر | |
أأبا علي والشمائل منك | زاخرة المآثر | |
إني لأرجو أن تقيل | من الظلامة كل عاثر | |
وتعيد مجد الواهبين | من الأوائل والأواخر |
ولو تصديت لجميع ما قيل في استيزاره وأثر أستقالته وبعد انتخابه نقيباً للمحامين وأثر أستقالته من النقابة ومناسباته ومراسلاته الادبية لألف ديواناً ضخماً من الشعر. وعندما قدم استقالته من وزارة العدل صدر بتاريخ 24 كانون الأول 1973 مرسوم جمهوري بإعفائه من وزارة العدل ونشرت جريدة (الثورة) بعددها الصادر في اليوم التالي لاستقالته خبر تقول فيه ما نصه: إعفاء وزير العدل. الصافي يرشح نفسه لرئاسة نقابة المحامين ومضت إلى القول وعلمت (الثورة) أن السيد حسين الصافي قرر ترشيح نفسه لمنصب نقيب المحامين ومن المعروف أنه لا يجوز الجمع بين منصب رئاسة النقابة والمنصب الوزاري. وأثر ترشيحه أجمع المحامون العراقيون على أنتخابه بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ أنتخابات النقابة من حيث الأجماع وأثر أنتخابه نقيباً للمحامين حياه مهنئاً العديد من الشعراء ومنهم محمد الجيار بقوله:
لعمرك أن العدل قد ضاق صدره | وقد كان صدر العدل فيك رحيبا | |
أيا أبن نقيب الطالبيين الأولى | فكن لقضاة الرافدين نقيبا |
وبعد مباشرته بأعمال رئاسة النقابة بعدة أشهر قدم أستقالته منها وأتجه لمزاولة الأعمال الحرة عدا المحاماة حيث رفض التوكل في أي دعوى مهما كان شأنها. والفقيد السيد حسين من الرجال الوطنيين الأشداء حيث لم تشغله الدراسة في مطلع سني حياته عن الخوض في معامع السياسة كيف لا وقد فتح عينيه منذ نعومة أظفاره على أبيه العلامة المجاهد السيد محمد رضا الصافي الذي أخذ عنه الطموح والشجاعة وعلو الهمة وترعرع في الدار التي هيأت أسباب نجاح الثورة العراقية الكبرى سنة 1920. ولقد كان رحمه الله عليه مستقيم السيرة جرئ الرأي وبسبب مواقفه الوطنية الصلبة تعرض للفصل من كلية الحقوق وهو في السنة الدراسية الثالثة وصدر أمر إلقاء القبض عليه عندها غادر بغداد إلى أخواله في الرميثة حيث أختفى عن أعين الشرطة هناك حتى صدر قرار من مجلس الوزراء في حينه بإلغاء أوامر فصل طلبة الكليات فعاد ضمن من أعيد من الطلبة إلى كلياتهم كما تعرض للأعتقال أثناء فترة حكم عبد الكريم قاسم عدة مرات بسبب تصديه لحكمه وفي آخر مرة جرى اعتقاله في موقف السراي ببغداد ثم أبعد إلى العمارة حيث بقي معتقلاً في سجنها مدة ثلاثة أشهر أطلق سراحه بعدها وعاد إلى النجف وأستمر مقارعاً حكم عبد الكريم قاسم حتى قيام ثورة 14 رمضان وأثناء ردة تشرين تعرض للأعتقال وأوقف في موقف العبخانة ببغداد ثم أبعد إلى السليمانية وفرضت عليه الإقامة الجبرية فيها عدة أشهر أطلق سراحه بعدها وبعد عودته إلى بغداد بفترة قصيرة القي القبض عليه مجدداً وأعتقل في المعتقل العسكري بمعسكر التاجي وبعد ثمانية أشهر أطلق سراحه.
هذه لمحة موجزة عن بعض معاناته بسبب مشاركته في الاحداث السياسية. ومن مظاهر شخصيته الصلابة في المواقف الحاسمة وعلو الهمة والسعي الحثيث لبلوغ ما تصبو إليه نفسه من طموح وتطلع لخدمة أبناء وطنه وقد أشار لذلك أبن عمه العلامة الشاعر السيد يحيى الصافي بقوله:
حسين لعمري ما حسين سوى فتى | إلى المجد تسعى لا تكل ركائبه | |
أهان عزيز المال من دون عرضه | ورب عزيز ذل للمال جانبه | |
يجود ويقري الضيف أن كان موسرا | وأن صفرت كفاه فالجود صاحبه | |
تكلف قوم طبعه فتأخروا | وفاز وطبع المرء للمرء غالبه |
بعد رسالة الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي حول السيد محمد باقر الحكيم.
ورغم أستقالته من وزارة العدل ومن ثم أستقالته من نقابة المحامين كونه رئيساً لها وأبتعاده عن العمل السياسي فأنه لم يستطع السكوت على ما تعرضت له المواكب الحسينية من منع سنة 1976 فعمد إلى تقديم مذكرته الشهيرة إلى رئيس جمهورية العراق في حينه أحمد حسن البكر أثر قيام الحكومة بمنع المواكب الحسينية من التوجه إلى كربلاء في يوم العاشر من محرم الحرام سنة 1976 ومنع الزائرين المتوجهين لزيارة سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) مشياً على الأقدام وتصدي الحكومة إلى الزائرين ومنعهم من ممارسة شعائرهم الحسينية وندون أدناه نص المذكرة الجريئة التي على أثرها أستجاب السيد رئيس الجمهورية لطلب فقيدنا الراحل وأمر برفع المنع عن الزائرين لممارسة شعائرهم في زيارة الأربعين.
السيد الرئيس أحمد حسن البكر المحترم...
لعل خير ما أستفتح به رسالتي إليك هو الدعاء لك بأن يعمر الله قلبك بالإيمان وأقول إني وإن كنت خارج الحزب برغبتي أجدني ملزماً بالذي أكتبه إليك وكنت أتمنى أن يكتب لك غيري في هذا الشأن لأن الكتابة بهذا الأمر تقطع نياط قلبي, ولكن:
إني لأفتح عيني حين أفتحها | على كثير ولكن لا أجد أحدا |
حيث أني لا أدري أين أنت الآن من هذه الغمامة الكالحة التي أطلت علينا كأنها تريد أن تقذف البلد بحجارة من سجيل الغمامة التي أحتوت تصاعيقها فتنة الطائفية وحملت بين طياتها الفرقة بين الشيعة والسنة لتمزقنا وتذهبنا كعصف مأكول.
وإلا أي حادث أو جديد في العراق: السنة أم الشيعة وهو أمر جديد أن يتعلق الشيعة بمقدساتهم ويمارسوا شعائرهم أو يعظموها حتى يصار إلى كفهم عنها وإلى حبسهم وضربهم سبيلاً للإقلاع عنها.
إن تلك لإجراءات غير موفقة وتلك ظاهرة مشينة ومرفوضة.
الناس يا سيادة الرئيس بدأت تحرك ألسنتها بالعتب عليك ولا يرضيها إنَّ تجاوزت ومصادرة الحريات الدينية والمذهبية تقع هنا وهناك وهي في غيبة عن درايتك وأطلاعك. تباح للسنة خطبها ويباح لها الذكر في بيوتها. تجوز للموسوية والمسيحية والصابئة كل خرافاتها: حلال للمسيحين أن يرقصوا على كل الأرض في أعيادهم وحرام على الشيعة أن يمشوا في الأرض وبوقار لزيارة الحسين (ع). وهذا هو الخارج: في الأتحاد السوفيتي مهبط الإلحاد عودة للروحيات. إذن بالسفر للحج, بناء مساجد وكنائس وإباحة للصلوات فيها إدراكاً من قادته بأن العقيدة الروحية قدر لازم لكل إنسان, وهذه الهند بلد العراقة والحضارة ما فتئت الأديان فيها والمذاهب متجاورة متحابة وما زالت البقرة عندهم ربٌاً والعالم عن حزبها الحاكم أن أعترض على سبيل عبادها من السجود لها.
وليقيني يقينّ بأن سبط الرسول الإمام الحسين (ع) أجل وأشرف مما يتعلق به الآخرون, إذن فما بالنا نحن في العراق نُحمل الأمور فوق طاقتها ونقحم أنفسنا بما تأباه طبيعة الأشياء ونواميسها, هذا غيضٌ من فيض مما يطفوا على الشفاه ويهمس به في الآذان سيادة الرئيس! إن لدى الشيعة في العراق أفتراض أن حكم البعث لم يدنوا من التفكير يوماً إلى التحرش بما هُم فيه يؤمنون أو بما يشكل لهم مطاعن في عقائدهم ولأنهم جزءاً عريض من مادته وركن من قاعدته ولا أخال بأن بالك قد غرب عن أيام اكفؤا فيها عن حكمي العارفين وأوجعهوهما قرعاً وتأنيباً في منتدياتهم وأحتفالاتهم ومواكبهم العزائية التي منعت الآن وما ذاك من الشيعة ساعتها غير طائفية ذينيك الحُكمين.
ثم أسئلة تبعث كالبراكين وأين الرئيس إذن عن هذا العجيب الغريب, ووقائع الأحداث تجيب وبوضوح إلى أن نفراً هو الذي يخطط لمثل هذه الويلات والسيد الرئيس لا يعرف لا ولم يطلع على مظاهرات النجف قبل أيام ولا عن الوجوم والأحتجاج بصمتٍ رهيب على ما يدور حول الشيعة في كل مدنهم وحواضرهم وإنه لما ريب فيه بأن ليس في العراق غير السنة وما الشيعة في حسابه سوى فلول أعاجم وشراذم من شعوبيين تتقاذفهم الدروب. من هم وما عساهم فاعلون, أقسروهم ليصوموا وأجبروهم ليفطروا وأزجروهم لينتهوا عن زيارة الأربعين. وبعد ما كان له ما أراد نام ليستمرئ إغفائه الضحى وعنده كل شيء على ما يرام. إنَّ ذلك لشيء يؤلف من منطق هذا النفر تجده حركة ناشطة ودؤبة أأمل أن لا يكون اخطبوطاً قد أشتملها أو ثعباناً من ثعابين الأستعمار قد أزدردها ليتقيأها أفكاراً حساناً تبهر السامعين. أو لينفثها سموماً تفوح منها رائحة العنبر ثم لا تلبث هنيهة حتى تُحيل البلد إلى رماد تذروه الرياح.
أأمل أن يكون ما كان نزوة عاطفة أو مرده جهالة إذ لرب جهلٍ هنا أشرف من علم.
على أي حال يا سيادة الرئيس أأمل أن تًنصب لفتنة هذا النفر الجاهل عارضك القوي وقلبك المتين. نوره بمالا أستخلصته من التاريخ.
إرو له بأن العراق بقدر ما هو بلد النهرين فهو مستقر المذهبين. ذكره بأن ضريح الحسين (ع) قد حرث فيما غبر من سالف الدهر وأغرق بالأمواه. لكنه ما لبث أن عاد عالياً تغرورق في كل يوم جنباته بالدموع وحسب علمي بأنك من زواره فقد زدت على ذلك بأن نقبت عن ذراريه وفتشت عن أولاده وأحفاده حتى رحت إلى قبر الحمزة فَعمرت قبره عمَر الله قلبك بالإيمان. ثم حذرهم من مغبة ذلك على الوطن فو الله ما خالجني شك بأنها لمصيبة هذه التي أخذت بالأقتراب منه والدنو إليه ولتلك طامة فيما أحسب آتية لتمشي فيه نتائجها الوخيمة مشي النار في الهشيم وساعتها ستتحول أجهزة الدولة إلى تجمع متنافر ترتجف كف ذراع كل واحد فيه من حمل السلاح إرتجاف أكف المترددين والمرتدين. وليكن في حكمتك ونفاذ بصيرتك ما تمسح به الذي علق في أذهان الكثيرين وأرى المدخل رجحاناً أن تأمر بفك المنع عن المواكب المعتادة قصد النجف في وفاة النبي (ص) التي يومها الثامن والعشرين من صفر الجاري والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حسين الصافي
24/ 2/ 1976
وفقيدنا الراحل بالإضافة إلى مزاياه السالفة فهو من خيرة الأدباء فهماً للأدب وتذوقاً للشعر الذي نظم منه الكثير وفي مختلف الأغراض ومن أوائل نظمه قال مهنئاً صديقه وزميل دراسته الدينية السيد محمد صالح بن العلامة السيد عبد الرسول الخرسان بمناسبة زواجه وقد القاها في الحفل الذي عقد بهذه المناسبة في دار آل النعمة في النجف قوله:
كفوا فما يجديكم العذل | ما في الحشى في غيركم شغل | |
أهواهم ولو أنهم هجروا | أو أنهم جاروا وما عدلوا | |
لم أتخذ وهواهم بدلا | عنهم ولو في وصلهم بخلوا | |
رعيا لعصر فزت فيه بهم | وبه صفت أيامنا الأول | |
كم فيهم من شادن غنج | في الغنج فيهم يضرب المثل | |
ما ماج في خديه ماء صبا | إلا وشبت في الحشا شعل | |
برقت شمائله الحسان كما | قد رق لي في وصفه الغزل | |
فجبينه شمس النهار سنا | ودجى الليالي فرعه الجذل | |
والدر ما يحويه مبسمه | والسحر ما جاءت به المقل | |
ما بين أني في جفاه لقى | فوق الفراش وعائدي الاجل | |
فأجابني ماذا أردت وما | لك ناقة عندي ولا جمل | |
فأحببته قلبي رهين هوى | وإلى اللقا بي ضاقت الحيل | |
لكن بعرس (الصالح) أنقشعت | نفسي وفيه العل والنهل | |
أبن الرسول وذاك من يده | يحكي نداها الوابل الهطل | |
لا يألف الدينار صرته | لكن يقبلها ويرتحل | |
كم مد نحو الزاكيات يدا | هي للمنايا والمنى سبل | |
أن تخشى من بطش الزمان | فلذ فيه فذاك الحازم البطل | |
لا زلت في بشر وفي طرب | يا من عليه يعقد الامل |
وقال ساخراً أثناء تعرضه لأزمة نفسية وضجر حاد قبل قبول أستقالته من وزارة العدل من قصيدة له عنوانها: ((أخي الحمار)).
لمن أبث شكاياتي وأحزاني | ومن أطارحه وجدي واشجاني | |
ما في الخلائق من تعنيه مظلمتي | كأنني جئتها من عالم ثان | |
وداخلتني قناعات معززة | أني حمار وشكلي شكل إنسان | |
رباه رحماك من رؤيا نعمت بها | أن يلتقي في إنسان بحيوان | |
وأسعد الخلق من يمشي بأربعة | لا من تسيره في الأرض رجلان | |
أخي الحمار وما سري بكاتمه | والسر يحكى لإخوان وخلان | |
إني أمرر أيامي بمضيعة | وأرذل العمر أن يقضي بخسران | |
أمسي وأصبح لا داري مفضلة | على فيافيك أو نادي بن حمدان | |
وكل ما هو حولي لا يحفزني | على البقاء وفي دنياك سلواني | |
فيها الهدوء وفيها الصبر أجمله | ليت الذي الصبر قد أعطاك أعطاني | |
أخي الحمار أدرسا أنت تدرسه | هذا السكوت أم أن الأمر رباني | |
إن كان علماً فأني سوف أنهله | وليأخذ الله ما أعطى وآتاني | |
أو كان صمتك من أفضاله نعما | فجد علي وعهدي فيك ترعاني | |
ربي أنتصف لي ممن كان أبدلني | صمتي بنطق فأن النطق آذاني |
وقال في نهاية كلمة له أفتتح بها أعمال المكتب الدائم لأتحاد المحامين العرب المنعقد في بغداد أثناء فترة رئاسته لنقابة المحامين مخاطباً المحامين العرب بقوله:
كفانا هوانا أن يحيق بنا عار | ونحن كما ندري ونعلم أحرار | |
كفانا هوانا أن نرى القدس عنوة | تدنسها يا ويح قلبي أقذار | |
ونحن كأن الخدر لم يك خدرنا | ولا في الروابي الخضر كانت لنا دار | |
أتبقى حزازات تباعد بيننا | يؤججها بأسم السياسة تجار | |
لنا كل يوم نكبة وأنتكاسة | يقابلها فينا دوي وإنكار | |
وبالأمس جزر في الخليج صريعة | تناهبها شاه العمالة جزار | |
أغار عليها دونما أي رادع | وباركه شيخ ضعيف وسمسار | |
ونحن كانا لم نكن من أماجد | لهم سير في التضحيات وأخبار | |
فيا نخوة الأجداد ثوري أبية | وسيري بنا نحو المعالي كما ساروا | |
ويا نخوة العرب الكرام تجددي | فكل قديم الفكر لا شك ينهار | |
أري الكون أن الشعب ينشد وحدة | تذوب بها رغم الاشاآت أقطار |
ومن نماذج تشطيراته الابيات التالية التي أرسلها المرحوم عبد الكريم الدجيلي لأخيه السيد محمود الصافي طالباً منها فيها (تالة برحي) بإشارة من أخيه السيد حسين وفيها من المداعبة الشيء الفكه يقول في الأصل:
أيا أبن السالكين سبيل فضل | ومن كانوا إلى للعلياء هاله | |
فإني بالإشارة من حسين | من البرحي أطلب منك تاله | |
فأن لم تأتني فيها سراعا | ففي يمناي من ايران (كاله) |
التشطير:
أيا أبن السالكين سبيل فضل | ومعروفا وقد بلغوا كماله | |
ويا أبن الأفضلين تقى وعلما | ومن كانوا إلى العلياء هاله | |
فإني بالإشارة من حسين | وقد تغني الإشارة عن مقاله | |
لأن النخل عمتكم فغني | من البرحيي اطلب منك تاله | |
فأن لم تأتني فيها سراعا | تكن والله أخزيت السلاله | |
وأن لم يبق في بيتي (مداس) | ففي يمناي من ايران (كاله) |
آثاره:
أولاده:
اعقب أولاده السادة المهندس السيد مصعب والمهندس السيد مشعل وقد أعقب أبنه السيد مضر كما أكمل أبنه الثاني السيد المنهل الكلية في إدارة الأعمال في الولايات المتحدة وأعقب السادة حسين وغيث وأكمل أبنه الأصغر السيد نوفل الكلية في الولايات المتحدة ايضاً متخصصاً في إدارة المشاريع. وقد أعقب السادة تمام وعلي.
أنتقل إلى رحمة الله مساء يوم 13 شباط 1987 أثر حادث مؤسف مفجع عن عمر لم يتجاوز ثلاثة وستين عاماً وقد تناقلت نبأ وفاته إذاعات دمشق وبيروت وطهران وصحيفة الشرق الأوسط اللندنية والعلم المغربية وجريدة الرأي الأردنية ومجلة القضاء العراقية وقد كان لنبأ وفاته صدى كبيراً في كافة الأوساط العراقية العربية والكردية وكان يوم تشييعه من بغداد والكاظمية وكربلاء يوم حزن لعارفي مكانته وما أن وصل جثمانه إلى النجف إلا وخرجت النجف بكل طبقاتها للمشاركة في تشييعه وعطلت الأسواق وتعطل العمل فيها كما شارك رجال الحوزة العلمية وعلى رأسهم سماحة المرجع الديني السيد الخوئي الذي صلى على روحه الطاهرة في الصحن الحيدري الشريف وبعد أكتمال مراسم التشييع والصلاة. ثم شيع لمثواه الأخير حيث وري الثرى إلى جنب والده في مقبرته الخاصة واقيمت مجالس الفاتحة على روحه الطاهرة في بغداد والنجف الاشرف من قبل أسرته في دار اخيه الدكتور علي الصافي وفي النجف الأشرف في جامع صافي صفا وقد حضر مجلس الفاتحة في بغداد النجل الأكبر للسيد رئيس الجمهورية ممثلاً عن السيد الرئيس حيث قدم تعازي سيادته لأسرة الفقيد كما حضر مجلس الفاتحة العديد من أعضاء مجلس قيادة الثورة والوزراء والعلماء والرؤساء لشيوخ العشائر وكافة طبقات الشعب كما أقيمت الفاتحة على روحه في الرميثة من قبل أخواله البو حسان وقد رثاه وأرخ وفاته العديد من الشعراء منهم العلامة الشاعر المؤرخ السيد جعفر بحر العلوم بقوله:
عز الغري بأبنه | وفارس الرافدين | |
وأنع الحسين في اسى | بأدمع المقلتين | |
أن قيل أرخه (فقل | وأنع خسرنا الحسين) |
1407
وبقوله:
عز العلى وليذرف الناظران | لحادث الحسين قبل الأوان | |
إن قيل ما قلت بتأريخه | (قل الحسين قد مضى للجنان) |
1407هـ
وأرخ وفاته العلامة الشيخ عبد الأمير الحسناوي بقوله:
قضى الحسين صافيا | من كل عيب ودرن | |
وحل ضيفا مكرما | لدى الوصي المؤتمن | |
فردا إلى التاريخ (قد | أعقب للذكر الحسن) |
كما أرخ وفاته صديقه الشاعر المرحوم صادق القاموسي بقوله:
رثيتك إذ طوى دنياك حتف | وغالك- ظالما- قدر عتي | |
ووفتك القلوب أسى وحزنا | لأنك ما حييت لها وفي | |
وحين نعاك للعلياء ناع | وراح يجيل صرخته الندي | |
أهبت بمصعب إذ قال أرخ | (إذا غاب الحسين أبي علي) |
وأرخه الأديب الأستاذ كاظم شكر بقوله:
أرخته نجف الأشراف | (نائباً غاب حسين الصافي) |
1407هـ
وجاء في التاريخ الذي نظمه صديقه الشاعر الأستاذ محمد حسين المحتصر قوله:
أبا مصعب سائلتني الصحاب | ونحن نهيل عليك التراب | |
أهذا هو الموت هل تطمعن | مع الموت ينفع يوما عتاب | |
لقد كنت ترجى إلى المجد تبقى | حفيا به في الظروف الصعاب | |
وإذ كان بابك للوافدين | يفدى من الناس في ألف باب | |
فقلت لقد غاض ذاك الجناب | ومات أخونا الشريف المهاب | |
وغاب ولما يغب وحده | (أبو مصعب معه المجد غاب) |
1407هـ
واثر وفاته نشرت نقابة المحامين في مجلتها (القضاء) النعي التالي:
نقابة المحامين تنعى المرحوم الأستاذ حسين الصافي نقيب المحامين الأسبق. بمزيد من الأسى والأسف تنعى نقابة المحامين الأستاذ حسين الصافي وزير العدل الأسبق ونقيب المحامين لدورة 1974- 1975 الذي وافاه الأجل بحادث سيارة مؤسف ليلة 13- 14 من شباط 1987 والمرحوم من مناضلي حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أدى واجبه الوطني والقومي عبر نضاله وفي المهمات الإدارية التي تولاها ومنها دوره كنقيب للمحامين العراقيين حيث عمل على تعزيز مكانة المحامين, والنقابة إذ تنعى أبا مصعب فهي تنعى زميلاً ومناضلاً وتثمن دوره الإيجابي المتميز والمتقدم في خدمة مهنة المحاماة وتضرع إلى العلي القدير ان يلهم اهله وذويه وزملاءه الصبر والسلوان وأن يطيب الله ثراه بواسع رحمته وإنا لله وإنا إليه راجعون.
(حامد صالح الراوي/ نقيب المحامين)
ورثاه العديد من الشعراء حيث لو جمع ما قيل في رثائه من شعر لألف ديواناً رائعاً من غرر القصائد ولعلي قائم بذلك بعون الله أن سمحت ظروفي الصحية بذلك. وسأقتصر على تثبيت قصيدة أبن عمه الشاعر السيد جواد الصافي في رثائه والمشتملة على تاريخ وفاته بقوله:
علم هوى نحو الرمم | أم جف ذياك الخضم | |
أم فارس في حلبة | يكبو وسيف يتلثم | |
عرك الحياة مكافحا | ولوى المصاعب واقتحم | |
ما صدقت عين ولا | اذن ولا قلب وفم | |
كيف أنطوى في حفرة | تحت الثرى طود أشم | |
خلي مديحك يا حروف | ودع صريرك يا قلم | |
جم الصفات تحار فيه | وقل من قد كان جم | |
كم بسمة فوق الشفاه | إذا تبسم ترتسم | |
أو أكبد حرى تبرد | نارها مما الم... | |
ولكم غريق في الأسى | أنجاه من موجات هم | |
نفع عميم أن من لا | ينتفع منه يذم | |
أخي الحبيب ويا أبن ودي | في الحياة ويا ابن عم | |
ما نفع دمع أن جرى | حتى ولو قد كان دم | |
نم في ضريحك آمنا | فجميل ذكرك لم ينم | |
يا ناعياً تنعى المكارم | والمفاخر والشمم | |
بخلوده أرخ (حسينا | للمفاخر والكرم) |
1407هـ
وقصيدة الشاعر الأستاذ محمد حسين فرج الله بقوله:
ما كان نعيك محمولاً على عجل | إلا فجيعة من كانوا على أمل | |
غادرت ناساً وعبء الدهر أرهقها | وكيف تسعى بظهر واهن أزل | |
دنيا وما برحت تلقى بكلكلها | ونتقي ضرها في فدفد نحل | |
يا صاحب السيرة الغراء في خلق | يسري بركبه دوماً عاطر العمل | |
يا ضوء دنيا وكانت في نواظرنا | حتى أفلت فحال الصبح كالطفل | |
آليت أنك تهوى الحق محتسبا | كأنما الحق ذات الأعين النجل | |
ينبيك عدل وما لاقاه من جنف | وقاده سالكاً في لاحب السبل | |
ما حاد عن درب عدل قيد أنملة | كلا ولا يجتوي حقاً على ذحل | |
وآية النبل فيه ليس عارية | بل خلقة ليس فيها الكحل | |
يا صافي النسب الزاكي بمحتده | كالكحل يسمو به لأمير المؤمنين علي | |
ما للمقادير هلا ترتضي بدلا | تختار منا ومن شاءت من البدل | |
يكفيك فخراً بما يزهى به بشر | كانت حنايا ضلوع قبر مرتحل | |
والغسل كان طهور الماء يرفده | من ساجم الدمع إذ يجري من المقل | |
كأنما الموت إذ يخشى اللقاء به | أزجى براحلة وافته بالأجل | |
هي المنايا تحت الركب عاجلة | ولا تني تندب الأحرار عن عجل | |
عمت أياديكم البيض التي سلفت | لكل مضطهد بالنائبات صلي | |
أدلى بأسباب انقاذ لبائسها | كأنما العطف فيه علة العلل | |
ما أقبح الظلم أن يأتيه ذو رحم | من دون وقعت ضيراً طعنه الأسل | |
سيان خنجر موتور بكف أخ | أو كف ناء عن الأوطان والأهل | |
كلاهما ينزف المسفوح مني دما | ولا شفيع لهم في سنة الأول | |
ورب تكشيرة تبدو لنا ضحكا | لكن تدس الدنيا السم بالعسل | |
كم معشر يحسبون الجاه في رتب | حتى نسوا أنهم في همة الرجل | |
تقيلوا من حضيض الهون هاوية | توهموا أنهم في قمة القلل | |
من كل منتهز ناءت مطامعه | به وساخت به الرجلان في الوحل | |
لأن تباهى أناس في مناصبهم | أسبغت أنت عليها سابغ الحلل | |
بعض يشيح بوجه عن مناهلها | وبعضهم يستقل البطن للوشل | |
ضاقت بهم طرق المجد الصريح لذا | لا يستوي سيرهم إلا على حبل | |
وكنت سيلاً جرى في دربه عرما | والسيل لا يرتجي السقيا من البلل | |
قال الجدال ولا أدري له أمدا | كأنني مع صروف الدهر في جدل | |
والجهل يحدق بي من كل ناحية | وأنني صنو جهل في أبي جهل | |
فالعقل ضل طريق الرشد عن | لأسلم النفس منقاداً على خطل | |
عمه تخبط العقل في عشواء حالكة | في فكرة الموت إذ أعيت على العقل | |
عذرا إذا اشتط بي عقلي ولا عجب | فالعقل ليس يصون المرء من زلل | |
هل لي أسائل ما معنى مجيئي وما | معنى رحيلي وما قد خط بالأزل | |
قالوا جهينة تغنينا بما خبرت | لكن جهينة قالت لي فلا تسل | |
هذي عوارض لا تفضي بسائلها | لغاية وجموح العقل في عقل |
فعدت أسحب أذيالي على وجل | أأني بين جد كنت أم هزل | |
مالي وما لحديث بعضه عن نفل | وشأن مختصر ينأى عن النفل | |
وأذكر أبا مصعب في القبر حين ثوى | والقبر ليس يغطي هامة الجبل | |
إن كنت تنشد سلواناً فأخوته | هذا علي ومن بالصالحات يلي | |
وإن أنجاله أشبال مأسدة | لا غرو فالجد سبط سيد الرسل | |
هذا قصيدي وإن قصرت في كلم | والمرء عي لهول الحادث الجلل |