هو أبو محمد حسين العلامة الشاعر المرحوم السيد نعمة بن العلامة المقدس السيد محمد الصافي. ولد في النجف سنة 1888 ونشأ فيها مرعياً برعاية والده وأعلام أسرته وبعد دراسته المقدمات تتلمذ على علماء عصره وفي المقدمة منهم أستاذه المرحوم السيد أبو الحسن الموسوي والسيد حسين الحمامي بعد ذلك وبالإضافة الى تفوقه في التحصيل الذي أهله أن يعد من أبرز الفضلاء, قال عنه المرحوم جعفر الخليلي صاحب موسوعتَي ((هكذا عرفتهم)) و ((العتبات المقدسة)) في أرجوزة له:
عرفتهُ منذ قديم الزمن |
يحسن سبك اللفظ في تفنن |
|
ويقلب الأفعال والأسماء |
لأي معنى كيفما يشاء | |
بسرعة فائقة عجيبة |
وحكمةٍ بالغة غريبة |
|
حصلها في زمن طويل |
أفناه في المعقول والمنقول |
|
ونال في صناعة الكلام |
أوفر قسط ينل بالتمام |
|
لاسيما في مبحث المعاني |
وعلة الألفاظ في المباني |
|
فصار لا يلفظ معنىً إلّا |
وألف معنى فيه قد تجلى |
|
فهو بهذا شاعر فريد |
يلعب باللفظ كما يريد |
فقد تعاطى نظم الشعر في المناسبات الخاصة وبقطع وأبيات كالمساجلات والمراسلات الشعرية والاخوانيات ولم يحتفظ بشعره اذ لم يعثر ورثته من بعده إلا على القليل من شعره وإحدى مساجلاته الشعرية كانت بينه وبين المرحوم ميرزا محمد الخليلي والمرحوم جعفر الخليلي الذي تربطه بهما صلة صداقة صميمية قديمة وكان رابطة الاتصال بهذه المساجلة المرحوم الشيخ كريم قفطان الذي كلف بالإشراف على بناء دار للمرحوم جعفر الخليلي وكان القفطان من جانبه يشارك في هذه المساجلة ولكن بالشعر الشعبي وفيما يلي نماذج مما نظمه المرحوم السيد نعمة حيث يقول مخاطباً الشيخ قفطان وقد لاذ بالمرحوم جعفر الخليلي صاحب جريدة الهاتف بقوله:
قل للكريم لا تلذ بالهاتف |
فهل يلوذ خائف بخائف |
|
شمرت للحرب عن الدفاع |
وجئت تسطو بعصاة الراعي |
|
فإنها من نبت جار العوسج |
أو انها قد أهديت من نروج |
|
فإنها تكفيك في الكفاح |
عن منتضى السيوف والرماح |
|
فأرعدت منك علينا السحب |
وأبرقت لكن ذاك خلب |
|
وأمطرت لكن بيوم صائف |
تعرب عن صوب أكف الهاتف |
|
فالحمد لله على النجاح |
وقد كفانا مؤونة الكفاح |
|
وقد شربنا في الغبوق القهوة |
مذ أسكرتنا ما اعترتنا صحوة |
|
من غير ما فضل ولا إكرام |
بل إنها نتيجة الإرغام |
|
فإن ترد صلحاً فهيء مؤتمر |
أو لم ترد تمسي ولكن في سقر |
ومن نماذج شعره بالأبيات التالية وقد بعث بها الى ابنه السيد جواد بمناسبة إكماله كلية الحقوق:
قصدت ورود النفس في كل منهل |
فأوردتها العذب الذي كان صافيا |
|
فصرت خلي البال من كل متعب |
تقيم اعوجاج الحق إن كنت قاضيا |
|
نهنيك في هذا النجاح ونرتجي |
لك الفوز بعد اليوم ندباً محاميا |
وله ممارسات شعرية في كتابة التاريخ ومنه ما أرخ به بناية حسينية المسيب التي شيدت بمسعى العلامة المرحوم السيد هادي الصائغ المرجع الديني وهو خال أولاد السيد نعمة بقوله:
خير دار على التقى أسستها |
كف (هادي) الورى بأقصى العزائم |
|
فازدهت بالحسين مذ أرخوها |
(أي دار تقام فيها المآتم) |
وقد انتقل الى جوار ربه سنة 1970 بعد مرض لم يمهله طويلا فشيع إلى مثواه الأخير بعد أن أدى واجبه الديني والوطني حيث كان رحمه الله من أوائل المطالبين باستقلال العراق ومن الشخصيات العلمية التي وقعت مضبطة النجف المطالبة بالاستقلال وقد أعقب أبناءه العلامة السيد محمد حسين والسيد كاظم وكان رحمه الله من كبار تجار الشورجة ببغداد والمحامي الشاعر السيد جواد الصافي والدكتور عبد الرؤوف الصافي والدكتور محمد علي الصافي وقد رثاه ابن عمه شاعر العرب المرحوم السيد أحمد الصافي بأبيات معنونة بـ((معلمي الأول)) يقول فيها:
ربيتني خلقاً وآدابا |
فنلت في العالم إعجابا |
|
أملت بي الخير فربيتني |
أبشر فبي ظنك ما خابا |
|
طيبي من روحك آت اذا |
نشرت في العالم أطيابا |
|
لو يعلم المطنب في مدحتي |
سري لغالي فيك اطنابا |
|
يا جامع الفضل ورب النهى |
وحاوياً علماً وآدابا |
|
تواضع فيك الى عزة |
وظرف طبع فيك ما شابا |
|
من نصف قرن عشت في غربة |
شخصك عن فكري ما غابا |
|
كنت أرجي لك عوداً لكي |
أو فيك شكراناً واعجابا |
|
واذ بناعيك يميت الرجا |
فهل يرد البعث غيابا |
وقد أرخ وفاته الشاعر السيد علي بن الحجة السيد رضا الهندي بقوله:
يا ابن الأولى الله فيهم |
للناس أرسل رحمه |
|
قد كنت والكل يدري |
على فم الفضل بسمه |
|
وكنت أتقى وأنقى |
حكماً وأنفع حكمه |
|
ودمت والذكر حي |
لأمة بعد أمة |
|
والمجد أرخ (إيه |
غاب الندى مع نعمة) |
سنة 1289هـ
ورثاه ابناه الشاعران السيد محمد حسين الصافي والسيد جواد بقصائد مؤثرة مطولة.