العلامة الشاعر السيد يحيى الصافي

من كتاب الوافي في أحوال آل السيد الصافي "طاب ثراه"


هو العلامة الفاضل الشاعر السيد يحيى بن الحجة المرحوم السيد محمد أمين الصافي طاب ثراه أديب فاضل وشاعر شهير تميزت آراءه العلمية والفقهية على وجه الخصوص بالدقة والذكاء وشعره بالألتزام والأبداع وأتسم سلوكه بالهدوء وأظهر صفاته الصبر على البلاء والوفاء والسخاء. أريحياً محدثاً فكهاً كريم السجايا بعيد عن الدنايا. ولد في النجف سنة 1339هـ ونشأ بها على أبيه فعني بتوجيهه وجهته العلمية وغرس فيه حب العلم والأدب ثم تتلمذ على العلامة الشيخ نور الدين الجزائري والسيد جواد الكيشوان وبعد أنتهائه من السطوح درس على أعلام أسرته لا سيما والده الحجة السيد محمد أمين كما حضر بحث الخارج لدى آية الله السيد حسين الحمامي والحجة السيد محسن الحكيم والحجة السيد أبو القاسم الخوئي فبلغ مبلغاً عظيماً في التحصيل بحيث أصبح من النياقد من أهل الفضل.

ترجمه صاحب موسوعة شعراء الغري المرحوم علي الخاقاني فقال هو السيد يحيى بن السيد أمين بن السيد علي بن السيد الصافي من آل السيد عبد العزيز أديب فاضل وشاعر رقيق ولد في النجف سنة 1339 ونشأ بها على أبيه ونهج آبائه في تحصيل العلوم الدينية فارتدى العمة وتحلى بالزهد والصلاح والمترجم له أحد الشباب الروحي الوادع له سيرة مثلى أعتنقها مبكراً ودرج مدرج عمه الشاعر الخالد السيد أحمد الصافي بالتحلي بصفاته من الأعراض عن الناس ونشدان الهدوء والنظرة العامة للأمور وأستطاع أن يكون له جواً خاصاً يعيش فيه مع خيلاء داخل نفسه وزهو مشوب ببسمة خلابة. أحترم من الشعراء المتقدمين المعري لكفاءته الذهنية وتحرره من القيود العقلية ولأنه يمثل الفكر العربي ومثله امرؤ القيس لوجدانية شعره وديباجته وأبو عبادة البحتري لعذوبة شعره وسلاسته ومن المتأخرين عمه السيد أحمد الصافي لسعة تفكيره وحسن تصويره.

وترجمه صاحب موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين فقال يحيى الصافي شاعر أديب هو السيد يحيى بن السيد محمد أمين بن السيد علي الصافي ولد في النجف من أسرة عربية علوية عريقة. تتلمذ لأبيه ثم العلامة المجتهد السيد حسين الحمامي وأجيز منه في العلوم وإجازه العلامة محمد الحسين كاشف الغطاء بعلوم البيان. كتب الشعر وهو أبن الخامسة عشرة وأستمر في نظمه للشعر في مختلف الميادين الأجتماعية والسياسية والعاطفية ونشر قصائده في المجلات العراقية واللبنانية والمصرية والسورية والمغربية وأشتهر في مرحلة الخمسينات شاعراً قومياً الهب حماسة الجيل في أحداث سنة 1956 في النجف ونشر قسماً من شعره الشيخ علي الخاقاني في موسوعته شعراء الغري. له ديوان ضخم. عرفته المجالس الأدبية النجفية بأنه شخصية تمتزج فيها الصراحة والتنسك.

وكتبت عنه جريدة الرأي تحت عنوان ((عمائم لها تاريخ)):

السيد يحيى الصافي من أسرة آل (الصافي) السادة الموسوية العلوية الذين نبتوا في النجف كياناً علمياً أمتزجت فيه العلمية بالوطنية فكانوا في طليعة بيوت قاوموا الرذيلة والتشوهات الأستعمارية على عهد العثمانيين والإنكليز وكان بيت السيد محمد رضا الصافي أحد زعمائهم مثابة لقادة ثورة العشرين وفيه صمموا مخطط الثورة الأولى هو السيد يحيى بن السيد محمد أمين بن السيد علي بن السيد (الصافي) وبه تلقبت أسرته وكانوا في ما مضى يتلقبون بجده (عبد العزيز) العلامة النسابة الفقيه وأوائل أجداده كانوا في الحجاز ثم أنحدر قسم منهم إلى البصرة ومنها تحدر جدٌ لهم إلى النجف يمارس التقوى والدرس الفقهي حتى كثر أولاده وأحفاده وصاروا شجرة وارفة الظلال وفي ضوء عمود النسب هذا شب السيد يحيى متأثراً بسلوك آبائه العلمي وطلب العلم وهو في الخامسة عشرة وتتلمذ لأركان أسرته وتفقه بالعلامة المجتهد السيد حسين الحمامي فقرأ عليه فصل الفقه وفصل الكلام وفصل الشرعيات وأجيز من قبله ثم اجازه المرجع محمد الحسين آل كاشف الغطاء بعلوم البيان والبلاغة ثم التفسير فصار لساناً متحدثاً وقلباً معرفياً نقي الأداء منحازاً إلى كل شيء فيه رحابة وأمتداد إلى الحرية والأجتهاد. لكن السيد يحيى منذ فتوته ملك فطرية شعرية فامسك بها وانسابت خواطره فيها فصار شاعراً لكنه الشاعر المتحسس بآلام مجتمعه فاندمج بتاريخ شعبه وأمته وبروح ثورتها وكتب في ذلك عشرات القصائد نشرت في مجلات وموسوعات الشعر في الوطن العربي لا سيما في مصر والمغرب العربي ولبنان وله ديوان يضج بعنفوان القصيدة العربية الملتزمة. ولد عام 1921 وتوفى في اواخر تسعينيات القرن الماضي وكان كل وجوده قد وظف للدفاع عن القيم العربية الأصيلة شعراً وقصائد ومواقف شعرية نبيلة. وكان قليل الكلام لصراحة في طبعه متنسكاً عفيف القلب نزيه الضمير ضارباً أروع الأمثلة على استقامة حياته التي هي على استقامة أجداده وقد ذكر في غير موقع على أنه المدافع الأمين عن وحدة الأمة العربية وشرف المبادئ القومية.


نماذج من شعره وهو يصور شعوره حيث قال في قصيدة له بعنوان:

(إلى م سبات)

حنانيك ان الهم يعصف بالحشا   وان عناء القلب يذهب بالقلب
تثور بي اللذات حتى تخالني   صريعا لديها فاقد العقل واللب
إلى م اقضي العمر هما وحرقة   كأني جان في الورى أعظم الذنب
احاول زهدا في الحياة واهلها   وتمنع إنسانيتي سلوة الصحب
اراني غريبا في بلادي كأنني   اخو سفر فيها ولست بذي قرب
يعيب علي الناس تركي طريقهم   ويأبى احتفاظي قصد ملتبس الدرب
وما قيمة الدنيا لديهم فأنها   مراح بغاث الطير مذمومة السرب
سأمنع نفسي من ورود صياخها   على ظمأ مني إلى المنهل العذب
ذممت اليكم منهلاً كله قذى   فما عاقكم ذمي له لا ولا عتبي
تسيغون طعم العيش خورا وذلة   وحولكم نار تؤجج في اللب
وهذي حلوب اسلمتكم ضروعها   فكيف تناسوها لدى شدة الخطب
إلى م سبات يا شويهة في الفلا   وتلك ذئاب غير مأمونة الوثب

 

وله بعنوان:

(يا بلاد العراق)

يا بلاد العراق يا موطن الأجداد   قد ذبت في هواك غراما
ولحق علي نصرك أن خان   فريق وأن فريق تعامى
لا أخون البلاد يوماً ولا أصبح   فيها للظالمين إماما
قسماً بالذي امات القدامى   والذي انطق الورى الهاما
لأجيب الداعي إلى نصرك لا   ارهب موتا ولا أخاف حماما
أو تعودي كما بدأت على الأيام   راسا للعالمين وهاما
ولعل الأيام يصدقن ظني   وقديما ما املوا الأياما

 

وله بعنوان:

(سورة نفس)

الجسم انحله تشرده   والقلب اوحشه تفرده
والنفس لا تنفك في قلق   ينتابها منه مجدده
والدار تنبو بابن بجدتها   ويعود يمسكه تجلده
ما مسه ضيم فأنهضه   إلا وعاد الجد يقعده
لا يستكين لما المَّ به   لكنها الأقدار تورده
لا تبرح الأيام تقلقه   فتحطه طوراً وتقعده
تاهت امانيه وأكر به   جهل الانام به وأجهده
ماضٍ ولكن الزمان وقد   أخنى تغوله وأخلده
اليسر غاب فلم يجد فرجا   إلا وكف العسر توصده
يعنيه ما تشقى به أمم   والناس تنساه وتجحده
أسواق أهل الفضل قد كسدت   ولقد تداعى منه معهده
أما الكريم فلا يقام له   وزن ولا يغنيه محتده
العصر عصر غواية أشرت   فغدا مسودا منه سيده
يا ليل ليل ظلامة شملت   هذا الورى ما كنت احمده
الغيَ مسلوك مزالقه   والحق متروك ممهده
ما للزمان واهله عبدوا   اهوائهم حتى مسدده
أني لأرجو الله دونهم   والله أعلى ذو يد يده

 

وله في مولد الإمام الحسين (ع) قوله:

سلام من الرحمن يعبق طيبه   على خير مولود بأكرم مولد
سلام عليكم آل طه ورحمة   سلام محب صادق في التودد
سلام على تلك العراص بكربلا   نجوم سماوات تحف بفرقد
امام هدى قد طيب الله رمسه   وطهره في خير دار ومشهد
بكم فتح الرحمان للناس دينه   ويختمه مهدي آل محمد
فانتم لنا درع حصين وجنة   وأنتم ولاة الأمر في كل مورد

 

وله في الإمام علي الهادي عليه السلام أثناء زيارته له قوله:

يا حادي الركب يمم روضة الهادي   في سرَّ من رأى وأسعدني بانشاد
يا حادي الركب أن القلب عاوده   ما قد تعوده من حب أجدادي
يا حادي الركب عندي مهجة طبعت   على ولائهم من يوم ميلادي
يمم هديت إلى معمور حضرته   وقل تقدست من ربع ومن نادي
ترى الملائك قد صفت بقبته   ونورها ساطع للرائح الغادي
أن الذي رفع الرحمن رتبته   لشامخ القدر في أباد أباد
آية ابا الحسن لا زال ربعكم   محط آمال قصاد ووراد
لأنتم العروة الوثقى نلوذ بها   فلا نميل إلى كفر والحاد
ولا نصيخ إلى ما زخرفت بدع   مستوردات لتضليل وإفساد
فنور حقكم يجلو دجى شبه   وأنتم عصمة المسترشد الهادي
سلطان بغي مضى وانزاح غيهبه   في سرَّ من رأى وفي طوس وبغداد
ما كان ضركم ما قد طغوا وبغوا   لما تداعوا إلى الأخرى بميعاد
هنالك الجند مغلوب ومنهزم   والله للظالم الطاغي بمرصاد
يا غوث آل رسول الله حاجتنا   إلى المهيمن من أهل وأولاد
الله أكبر أنتم باب حطتنا   فهل نخيب عليكم يا بني الهادي

 

وله في الإمام زين العابدين قوله:

سل كربلا عن سليل العزم والكرم   زين العباد حليف الهم والسقم
سل كربلا عن علي بن الحسين وقد   وافي اليها ابي الضيم بالحرم
غداة شاهد اجسادا مجزرة   على الرمال من الهندية الخذم
في كل ازهر كالبدر المنير اذا   ما لاح جلى دياجيرا من الظلم
لله صبرك من صبر تسيخ له   شم الجبال ولم تجزع ولم تلم
رأيت آلك في البيدا موزعة   اشلاؤهم كالأضاحي في نجيع دم
والسبط ملقى على وجه الصعيد بها   قطيع رأس خضيب الشيب واللمم
وفتية الآل صرعى كل مفترس   تلك الرمال ولم يهجع ولم ينم
ترى أبا الفضل مقطوع اليدين لقى   مهشم الرأس جنب العلقمي ظمي
ترى النساء وقد ريعت وقد ذعرت   كالطير فر من العقبان والرخم
وانت أنت الذي في حقه نزلت   آيات قرآننا في محكم الكلم
لله قلبك اذ تلقى نوازلها   بقلب مدرع بالصبر معتصم

 

وله متغزلاً قوله:

عادني عائد الهوى فشجاني   بعد عصر مضى وطول زمان
فاستمرت بي المرائر حتى   ضج من طول ما حبست لساني
ودعاني داعي الهوى ولعمري   كنت من قبله خليَّ الجنان
قد دعاني لما تمرست باللهو   فلبيت صوته اذ دعاني
خلياني وصبوتي خلياني   وانهياني ما شئتما او دعاني
فقديما عصيت من قد لحاني   وتمكنت في قلوب الغواني
وعرفت الأمور حتى كأني   شاهد غيبها شهود عيان

 

وله متغزلاً أيضاً قوله:

أواه لو يعلم ما أكن له   من الغرام والهيام والوله
جار عليّ واستبد ظالما   الهجر لي منه وصفو الحب له
سبحان من صوره من لطفه   نبي حسن للورى وارسله
يا فائق الحسن غصبت مهجتي   والغصب محذور فقل من حلله
والقلب منك وقدة مشبوبة   كادت لفرط حرها ان تقتله
اما رحمت الصب يا هاجره   رفقا فقد أودى به ما حمله
يا من اخاف ان ابوح باسمه   نعم وأخشى أن أزور منزله
رقت معانيه ورق جسمه   والحسن قد توجه وكلله
طيفا من الفردوس للدنيا أتى   وقد اضل للسماء سبله
يا ليت داري أمم من داره   فاستجيز وصله وأسأله
وليت أهلي مألف لأهله   فلا تريب صحبتي من كفله
حتم عليَّ كل يوم صبوة   بأغيد يا للهوى ما لي وله
اني على علمي باسرار الهوى   صرت فما افقه نصا أوله
قل للذي نعى عليَ في الهوى   البغي مردود على من فعله
ما كان ضر من احب لو دنا   مني وادنى فاه كي اقبله
البخل عار والجفا مذمة   ما باله اختار الجفا وفضله
ريقك من خمر الجنان دنه   رضوان قد صفقه وسلسله
يا آمرا على القلوب ناهيا   أمره من صاغه وعد له
كنا نرجي أن ننال وصله   فسد عنا بابه واقفله
من لأسير في الهوى متيم   قيده اسره وغلله
يا ظالمي والحشر ميعاد لنا   كل أمرئ في الحشر يلقى عمله

 

آثاره

  • ديوان شعر ضخم.
  • تعاليقه الفقهية والاصولية على بحوث ورسائل اساتذته وجميعها خطية لم يطبع منها عدا ما نشره من شعره.

انتقل إلى جوار ربه اثر مرض لم يمهله طويلاً بتاريخ 15/ 10/ 1999 وشيع جثمانه إلى مثواه الاخير ودفن في مقبرة اسرته بوادي السلام وقد رثاه ابن خاله الشاعر السيد جواد الصافي بقصيدة طويلة منها:

ما للزمان يصيبنا بنباله   وكأنه معنا بساح نزاله
خطفت يداه أعزة من اهلنا   وطوى من الاحباب في آجاله
يحيى وما يرثى الذي في شعره   يحيا ويبقى الشعر بعد زواله
لكنني لا بد ارثيه وفي   مرثاته في البعد بعض وصاله
اذ نحن يربطنا معا نسب هو   (الصافي) وان العذب عذب زلاله
وتشدنا للقافيات عواطف   والشعر يجمعنا على سلساله
ومن الوفاء بأن اعبر عن أسى   قلبي وعن حالي لما في حاله
رهفت عواطفه ورق شعوره   ولقد ينوء الشعر من اثقاله
لكنه وهب الحياة نشيده   وبحله يشدو وفي ترحاله
فقه وآداب وشعر كلها   مزجت لتصبح فيه من افضاله
في عمة فيها مهابة جده   وبمهجة حرى وقلب واله
وكراهب يقضي الحياة ببيته   وكذلك الشعراء من امثاله
لا من نديم لا ولا من صاحب   إلا الكتاب هناك في استقباله
يحيا بمملكة الخيال وحسبه   ان لم يفز في واقع بخياله
لم توهن الدنيا عزائم نفسه   بسموها ادباً برغم هزاله
وبرغم ما قطع الاسى اوتاره   عزف الحياة بشعره ومقاله
ما زرته إلا وخضنا في الهوى   والشعر لا في قيله او قاله
متجاوبين بما نراه كأنما   ما مر في بالي يمر بباله
لم تسمح الاقدار في توديعه   والموت مطبوع على استعجاله
ودعته في اللحد لكن روحه   قد اودعت عند النبي وآله

 

وقد ارخ وفاته بقوله:

يحيى الامين قد صفا   روحا وقلباً طيباً
وادي السلام جنة   ارخ (به تغيبا)

1420هـ

العلامة الشاعر السيد يحيى الصافي

المتولد سنة 1921 ميلادية
المتوفى سنة 1999 ميلادية

TOP